الاعلامي هشام النجار يكتب : خلايا الأردن والجماعة الضالة

اثنين, 04/28/2025 - 10:39

لم يكن مفاجأة الإعلان عن مخطط خلايا جماعة الإخوان الخائنة التخريبى بالأردن لحساب قوى خارجية؛ فالتاريخ والحاضر أثبتا أنها لم تكن يومًا سلمية، كما أن تحولات المرحلة الماضية حملتها إلى مساحات وسياقات غير مسبوقة من الهوَس بالتبعية للخارج والإمعان فى العداء للدول الوطنية.

يُعد ما ارتكبته وترتكبه جماعة الإخوان الخائنة مُتسقًا تمامًا مع تاريخها ومع طبيعة مناهجها وأهدافها النهائية، وهو ليس مُنفصلًا عن السياق السابق؛ لأنه منذ بدء ما سُمى بالربيع العربى حَاولت إدخالَ الأردن فى موجة التمرد والفوضى، طمعًا فى الوصول إلى سِدة الحكم، وحاولت مجددًا مُستغلة الأوضاع الاقتصادية الصعبة، ثم تاليًا أعقبتها المحاولات المَسْعورة مُستغلة حرب غزة وتداعياتها.

بالنظر لتسلسل الأحداث والتحالفات الإقليمية والأدوات الميليشياوية السنية والشيعية، اكتشفنا مبكرًا أن السيناريوهات واحدة وقد وضعها كاتب واحد ويتحكم بها مخرج واحد من خلال أدوات توظفها دول إقليمية غير عربية تتنافس على النفوذ والتوسع بالعمق العربى، وفى كل مرة تتآمر القوى الخارجية مستغلة طابورًا خامسًا خائنًا لعينًا من الداخل بهدف التمرد والعسكرة وإشعال الحرائق، رافعًا بالزيف والتزوير والخداع تارة شعارات الجدارة بالحكم وتارة الجدارة بالنضال والمقاومة، وقد ثبت أنه طابور ضال ليس جديرًا إلا بالخيانة والتآمر.

تجسد محاولة زعزعة استقرار المملكة الأردنية وبعض الدول العربية إفلاسًا مكشوفًا بعد أن تورطت أفرع التنظيم الدولى للإخوان فى فتح صراع أكبر من قدراته وإمكاناته فى السابع من أكتوبر الماضى وغير مخلص للقضية المركزية، حيث انتهت الشعارات والخطابات (تحرير الأقصى والقضاء على إسرائيل) إلى كارثة غير مسبوقة وواقع يشهد توسعًا إسرائيليًا جديدًا وفرصًا لتحقيق أطماع دولة الاحتلال القديمة، ناهيك عن الكارثة الإنسانية متعددة الأوجه.

هو إفلاس مصحوب بجهل بالتاريخ البعيد والقريب على عادة جماعة الإخوان وأجنحتها فى البدء من نقطة الصفر وعدم البناء على ما انتهى إليه الآخرون، لأنه لو كانت هناك قراءة حصيفة ومتجردة لتعلموا من تجربة منظمة التحرير الفلسطينية فى الأردن فى بداية سبعينيات القرن الماضى، وكذلك من تجربة لبنان.

انخراط مركز وأفرع جماعة الإخوان الخائنة الإرهابية فى مؤامرة اختراق الدول العربية وزعزعة أمن واستقرار دول جوار فلسطين وزرع ميليشيات مسلحة داخلها، هو نشاط مَدرُوس جيدًا لخدمة مصالح إسرائيل؛ لكونها مُوجهة ضد الدول التى تقف بصلابة فى مواجهة مخططات التهجير وتصفية القضية الفلسطينية، وإذا كانت جماعة الإخوان الخائنة فى مصر قد سبقت بسيناريو إتاحة سيناء للعدو وهو ما تصدت له الدولة المصرية، فإن الأردن أيضًا فى الحسابات الإسرائيلية هو الوطن البديل الثانى الذى تأمل قوى التطرف الإسرائيلى استهدافه ليَسهُل التهجير من جهة والاستيلاء على باقى الأراضى الفلسطينية من جهة أخرى.

لا تخفى مخططات إسرائيل فى هذا السياق؛ حيث تريد جعل الأردن وطنًا بديلًا للفلسطينيين، وهو ما عبر عنه رئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق آرييل شارون بعد خروج القوات الفلسطينية من لبنان فى العام 1982م، حين دعا الفلسطينيين لإقامة دولتهم فوق أراضى الأردن، وبعد شارون طالما عبر بنيامين نيتانياهو عن نيته ضم الضفة الغربية وغور الأردن إلى إسرائيل، مستعملًا المصطلح اليهودى للضفة (يهودا والسامرة)، وهو ما يُترجم عمليًا بالطرد والتهجير وبناء المستوطنات.

واكب نشاط إخوان الأردن التحريضى والمسلح نشاط لافت لوحدة الاستخبارات الإسرائيلية 8200 سعيًا لإثارة الفتنة وتهييج الشارع الأردنى وضرب مكوناته بعضها ببعض عبر آلاف الحسابات الوهمية على منصات التواصل، حيث هاجمت تلك الحسابات التى يديرها عملاء للمخابرات الإسرائيلية الأردن كنظام سياسى، وشككت بمواقفه تجاه فلسطين.