
في لحظة فارقة من تاريخ القضية الفلسطينية، حيث تتعثر المبادرات وتتآكل الآمال، يطرح المفكر العربي والإسلامي الكبير علي محمد الشرفاء الحمادي مبادرة سياسية وإنسانية عميقة، تستحق التوقف والتقدير، تحمل عنوانًا لافتًا:
"مشروع دولة فلسطين وتطبيق القرارات الدولية".
ليست المبادرة مجرد بيان عاطفي أو طرح نظري، بل هي خارطة طريق مفصلة، وعملية، تستند إلى قرارات الشرعية الدولية، وتعكس قراءة عميقة للواقع الفلسطيني والعربي والدولي، مع إدراك واعٍ للتعقيدات، دون أن يفقد صاحبها الأمل في قدرة الشعوب، لا سيما الشعب الفلسطيني، على إعادة بناء مصيرهم بإرادتهم الحرة.
يرى المفكر علي محمد الشرفاء الحمادي أن الطريق نحو الدولة الفلسطينية يبدأ من الداخل الفلسطيني ذاته، فغياب حكومة موحدة تمثل الشعب الفلسطيني بأكمله، هو العائق الأبرز أمام تنفيذ القرارات الدولية، التي تنص على إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
لذا، يقترح الحمادي تشكيل حكومة انتقالية تضم كافة الفصائل الفلسطينية دون إقصاء، لتعمل لمدة ثلاث سنوات، وتحظى باعتراف من الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، كخطوة أولى نحو الاعتراف الدولي الشامل.
المبادرة التي يطرحها المفكر علي الشرفاء الحمادي لا تكتفي بتشخيص الواقع الفلسطيني، بل تمد الجسور نحو العالم العربي والمجتمع الدولي، عبر دعوة الجامعة العربية لعقد اجتماع جامع لكافة الفصائل، برعاية لجنة من وزراء خارجية مصر، السعودية، الجزائر، والإمارات، للعمل على تسهيل تشكيل الحكومة الانتقالية، وبحث آليات إطلاق مفاوضات سلام شاملة بضمانات من القوى الكبرى.
وفي طرحه، يُدرك المفكر الكبير علي الشرفاء أن ضمان الأمن والاستقرار للطرفين – الفلسطيني والإسرائيلي – هو شرط أساس لنجاح حل الدولتين، ويقترح اتفاقيات سلام بضمانات أمريكية وأوروبية وعربية، تضمن الاحترام المتبادل، وتوقف دوامة العدوان والدمار.
ما يميز رؤية علي محمد الشرفاء الحمادي هو أنها ليست فقط سياسية، بل إنسانية عميقة، فهو لا يرى الصراع من منظور ديني أو عرقي، بل من منظور الحق والعدل والكرامة الإنسانية، ويدعو في ختام مشروعه إلى إنهاء الاستعلاء والعنف، والتعامل برحمة وإنصاف، انطلاقًا من المبادئ القرآنية التي تنبذ العدوان، وتحث على السلام:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً البقرة: 208.
إن المفكر علي محمد الشرفاء الحمادي ليس غريبًا عن قضايا الأمة، فهو صاحب رؤية إصلاحية شاملة، ومواقف جريئة في الدفاع عن الإسلام الصحيح، وقيم العدل، وحقوق الإنسان، وقد كرس قلمه ومشروعه الفكري لمحاربة التطرف والكراهية، والدعوة إلى العودة إلى القيم القرآنية النقية، البعيدة عن الغلو والانقسام.
وفي هذه المبادرة، يثبت مرة أخرى أنه صوت العقل والقرءان في زمن الغوغاء، حاملا همّ فلسطين كقضية مركزية للأمة، لا مجال فيها للمزايدات أو الصراعات الحزبية الضيقة.