الشريعة الإسلامية والتشريع الإلهي علي ضوء كتاب المفكر العربي علي الشرفاء الحمادي يوميات بين الروايات والآيات

خميس, 06/19/2025 - 08:09

عاطف زايد
كاتب صحفي، نائب رئيس تحرير جريدة الأهرام
يعمل المفكرون التنويريون علي فضح الأفكار المتطرفة وتفنيدها، وهذا يساعد علي تقليل تأثيرها على الأفراد والمجتمعات، والمفكر التنويري يساهم في تعزيز الفكر الإنساني مثل الحرية والعدالة والمساواة.. ويمكن للمفكرين التنويريين أن يشكلوا بناء مجتمعات أكثر استقرارًا ومكافحة الفكر المتطرف بشكل فعال.
وكثيرًا ما يردد الناس لفظ الشريعة الإسلامية دون تحديد مضمونه ومعرفة عناصره وبنوده ومصادره، لذا وجب علينا أن نفهم معنى الشريعة الإسلامية كما جاءت به آيات القرآن الكريم.
ولأهمية الحديث عن هذا المصطلح، استدعينا من المكتبة العربية كتاب مهم للمفكر العربي علي الشرفاء الحمادي (يوميات بين الروايات والآيات)، ليوضح كاتبنا ومفكرنا تعريف مصطلح الشريعة الإسلامية.
يقول الكاتب علي الشرفاء الحمادي: إن الشريعة الإسلامية مصطلح تعارف عليه الناس دون تحديد لمضمونه ومعرفة عناصره وبنوده ومصادره وحين ننظر إلى واقع المسلمين اليوم بشأن التشريع الذي ينظم علاقات الناس، ويضع ضوابط لاستقرار المجتمعات وتعاونها وتحقيق التكافل بين أبنائها وتنمية المصالح المشتركة عندهم، لما يحقق تطور المجتمعات نحو التقدم والرقي على أسس من العلم والأخلاق الفاضلة والمحافظة على حقوق الإنسان في حرية العقيدة وحرية العمل، والسير في الأرض بحثًا عن الرزق الحلال ليتحقق التكامل في المصالح الإنسانية بين أفراد المجتمع، ذلك ما شرعه الله لعباده لأجل عيش كريم يحيطه الأمن والسلام في كل المجتمعات الإنسانية دون تمييز بين خلق الله في النسب أو الدين أو المذهب.
ويضيف المفكر العربي علي الشرفاء الحمادي: إن ما وجدناه في الماضي يتكرر لنا اليوم في مظاهر التطرف والإرهاب وخطاب الكراهية الذي استقى عقيدته من مرجعيات متعددة لا علاقه لها بشريعة الله، وأطلقوا عليها الشريعة الإسلامية وهي مجموعة اجتهادات بشرية صاحبها الهوى والمصالح الدنيوية، وعوامل ظرفية عاشها المسلمون في حالة من الصراع والاقتتال وسفك الدماء، وأفتى كل طرف بتكفير الآخر وضرورة قتاله؛ فسقط آلاف المسلمين في موقف يتناقض مع التشريع الإلهي ويصطدم مع ما سُمي بالشريعة الإسلامية التي تحارب المسلمين وتضيق عليهم أحوالهم، وتستبيح حقوقهم، وحرفوا مقاصد آيات الله لما يخدم أهوائهم وأمراضهم النفسية؛ فلا يطيقون أن يستمعوا لرأي مغاير، فهم الوحيدون أصحاب الحقيقة المطلقة، وهم الوحيدون عباد الله الصالحين، وكل ما يفتون به هو الحق، ومن يخالفهم في الرأي فهو باطل، ويجب محاربته ومنعه من إبداء فكر يتعارض مع أفكارهم، منتهى الاستبداد والتشدد في تعنتهم فيما يعتقدون.
ويكمل المفكر العربي الشرفاء الحمادي: إن كل من يستخدم مصطلح الشريعة الإسلامية لابد أن يكون في قناعته بأنه يتحدث عن التشريع الإلهي فقط الذي جاءت به آيات القرآن الكريم، لأن الإسلام هو رسالة خالدة أنزلها الله على رسوله في كتاب مبين، ليبلّغ الناس بها وينذرهم من يوم عظيم كما قال سبحانه: (فكيف تتقون إن كفرتم يوما يجعل الولدان شيبا)، وكل من يحاول أن ينسب الاجتهادات الفقهية البشرية للإسلام فهو تدليس على الناس، معتمدًا على الروايات والإسرائيليات المفتراه على الرسول، علمًا بأن الله سبحانه حذَّر من الاعتماد على الروايات المزورة على رسالة الإسلام، اتبعها أعداء الإسلام وما في تلك الروايات من تناقض مع آيات القرآن الكريم التي تدعو للرحمة والعدل والسلام والإحسان وحريه الاعتقاد وتحريم الاعتداء على الناس بكل الوسائل وتحريم قتل النفس، بينما تلك الروايات ابتدعت أحكامًا وقواعد ضد الإسلام وضد الإنسانية، وأصبحت المرجع الأساسي لرسالة الإسلام بعد أن تم تقديس أصحاب الروايات؛ حيث مكنوا الروايات من الطغيان على الآيات.
ويؤكد المفكر الشرفاء الحمادي أن الرواة نشروا الخوف من الإسلام، وحرَّضوا على الفاحشة والصراع والفتنة في مجتمعات الإسلام، وشغلوا المسلمين بمعارك فكرية ضاربة، فرَّقتهم إلى طوائف متقاتلة مستمرة منذ 14 قرنًا حتى اليوم. علما بأن الله سبحانه حذّر المسلمين من اتباع الروايات التي أطلقوا عليها مصطلح الحديث، زاعمين أنها أقوال رسول الله، حيث أن عناصر التكليف الإلهي للرسول تبليغ الناس خطاب الله لخلقه، وأن يتلوا عليهم كتابه ويعلمهم الحكمة ويزكيهم ويعرفهم مقاصد آياته وتحذير الله للناس في قوله سبحانه: (تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق فبأي حديث بعد الله وآياته يؤمنون)، فالله سبحانه يستنكر في هذه الآية: كيف تؤمنون بأحاديث مكذوبة ومصنوعة، وتتركون كلام الله الواحد الأحد؟
ويحذر الكاتب المفكر الشرفاء الحمادي قائلًا: لقد آن الأوان لوضع سد مانع لما يُسمى بالتراث وهو مجموعة السموم التي نشرها أعداء الإسلام ليستمر التخلف لدى المسلمين ليسهل السيطرة عليهم واحتلالهم، ومن الغريب أن تتحول المؤسسات الدينية في العالم العربي والإسلامي لتحافظ على كتب التراث المسمومة التي فرقتهم ونشرت بينهم الفتن والتقاتل، وشوهت سورة الإسلام البراقة التي تشع نورًا وسلامًا حتى قيام الساعة، من خلال كتاب الله وقرآنه الكريم..
ثم يتساءل كاتبنا المفكر الشرفاء الحمادي عن؛ كيف سمحت الدول الإسلامية باستمرار تدمير عقول أبنائها من الشباب على مدى قرون من الزمن؟ ما نتج عنه تخريج الإرهابيين والقتلة والنفوس التي فقدت كل قيم الحياة ومعاني البر والتقوى والقيم الإنسانية التي تحافظ على حقوق الإنسان في الحياة والتطور، فالناس بعد 14 قرنًا لا تحتاج إلى من يهدم دينها، فالقرآن وتعاليمه واضحة لا تحتاج إلى مفسرين ولا إلى دعاة، إنما تحتاج المجتمعات إلى مثقفين ومفكرين وعلماء في مختلف مجالات الحياة، لا تحتاج إلى من ينشرون بين الأجيال القادمة السموم التي قضت على الهوية الوطنية وأسست أسباب الفتن بين الشعب الواحد، ليستمر الصراع بين أعدائهم، مستمرون في نهب ثرواتهم واستغفالهم ومحاولة نزع هويتهم العربية والإسلامية، وغرس قيم الانحطاط السلوكي والأخلاق المنحلة في عقول الشباب لافتقادهم ذاكرة التاريخ، ليسهل صياغة عقولهم بما يحقق أهداف أعداء الإسلام.
ويضع المفكر علي الشرفاء الحمادي الحل قائلًا: المطلوب يقظة شجاعة تتمسك بكتاب الله وترمي ما عداه في صناديق القمامة بعدما استنكر الله سبحانه الأحاديث بقوله: (تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق فبأي حديث بعد الله واياته يؤمنون) راية حمراء ترفعها الآية لخطر محدق بالأجيال القادمة، وعلى المخلصين حمايتهم قبل فوات الأوان.